تقييم
 علاقة 
السعودية 
بإدارة بايدن

تمهيد

تناول جو بايدن المرشح لمنصب الرئاسة عدداً محدوداً من الدول بشكل سلبي في خطاباته الإعلامية وفي برنامجه الانتخابي، وكانت السعودية من أبرز هذه الدول. وخلال حملته الانتخابية، وعد بايدن بأن يجعل المملكة منبوذة، واتهمها بقتل الأطفال في اليمن، وتعهد بإنهاء مبيعات الأسلحة الأمريكية. ولذا فقد كان من الطبيعي أن تحضر السعودية في سياسته الخارجية منذ اليوم الأول له في البيت الأبيض.

ترتبط سياسة بايدن تجاه السعودية بشكل كبير بعلاقة إدارة ترامب معها، حيث حظيت السعودية بعلاقات متينة للغاية مع البيت الأبيض في عهده.

وأدّى الاستقطاب السياسي الحاد الذي عرفته واشنطن في عهد ترامب إلى تنامي قوة التيار التقدمي داخل الحزب الديموقراطي. ويتبنّى التقدميون موقفاً سلبياً حاداً تجاه السعودية، مقابل موقف يميل إلى التعاطف مع إيران. وانعكس التأثير التقدمي في الكثير من سياسات بايدن تجاه السعودية، وخاصة في الشهر الأول من عمر الإدارة، حيث سعت الإدارة إلى طمأنه وإرضاء هذا التيار.

وقد حاولنا في هذا التقرير رصد تحركات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المملكة منذ اليوم الأول لتسلم الإدارة الجديدة لمهامها وحتى نهاية شهر أغسطس، وتحويل هذه التحركات إلى مؤشرات رقمية، بما يُساعد على رصدها وتحليلها.

المنهجية

1. مصادر المعلومات

تمّت الاستعانة بالمصادر الأصلية، بما في ذلك المواقع الرسمية الأمريكية، ويشمل ذلك حسابات التواصل الاجتماعي الموثقة لمسؤولي الإدارة الأمريكية ومؤسساتها. 

2. نوع الحدث ووزنه

تم تقسيم مدخلات قاعدة البيانات إلى خمسة أقسام رئيسية، وهي: 

النوع

الوزن

التفصيل

بيانات وتصريحات

1

ويشمل كل أنواع التصريحات، بما في ذلك مضامين المؤتمرات الصحفية والمقابلات الإعلامية والبيانات المنشورة

اتصال هاتفي

2

ويشمل الاتصالات غير الفيزيائية بين الفاعلين

عمل مشترك

3

ويشمل المناورات العسكرية المشتركة

لقاءات

3

ويشمل اللقاءات الفيزيائية التي تحصل بين الفاعلين

قرارات

3

ويشمل كل قرار صادر على أي جهة أمريكية رسمية

3.وزن الجهة

تم منح الجهات أوزاناً تتراوح بين 1 و3، وهي على النحو التالي:

الجهة

الوزن

الرئيس أو أي من الوزراء ومسؤولي الصف الأول في الإدارة

3

بقية المسؤولين

2

المتحدثين باسم مؤسسات الإدارة

1

4. المؤشر

يحمل المؤشر قيماً تتراوح بين (-3)، وهي للأحداث السلبية للغاية وفقاً لما نتوقع أنه تقييم صانع القرار في الدولة المعنية، و (+3) للأحداث الإيجابية من وجهة نظره أيضاً. 

5. المؤشر الإجمالي

يمثّل المؤشر الإجمالي حصيلة ضرب قيمة الحدث مع وزن الجهة والمؤشر. 

6. الإطار الزمني

تم في هذا المشروع رصد كل الأحداث المعنية خلال الفترة من تاريخ استلام الإدارة لمهامها يوم 21 يناير 2021 وحتى يوم 31 أغسطس 2021. 

مؤشر العلاقة بين السعودية وإدارة بايدن

يُظهر تحليل مؤشر العلاقة بين البلدين إلى أنها انقسمت إلى مرحلتين أساسيتين:

1) مرحلة الضغط والعقاب

بدأت هذه المرحلة مع بداية تولي إدارة بايدن لمهامها، واستمرت حتى بداية شهر مارس. في هذه المرحلة تم الكشف عن تقرير خاشقجي وفرض قانون حظر خاشقجي وفرض عقوبات على 76 سعودياً بموجب القانون، بالإضافة إلى العديد من التصريحات السلبية ضد السعودية.

ويلاحظ مع ذلك أن إدارة بايدن كثّفت في ذات الشهر من اتصالاتها مع المملكة، فيما بدا وكأنه محاولة للحد من آثار القرارات والتصريحات الأمريكية، فقد جرى في ذلك الشهر اتصال بين الرئيس الأمريكي والعاهل السعودي، واتصال بين وزيري خارجية البلدين، واتصال بين وزير الدفاع الأمريكي وولي العهد السعودي.

وقد وصل مؤشر العلاقة في شهر فبراير إلى (-147).

2) مرحلة إعادة ضبط العلاقة

مع بداية مارس، بدا أن هناك تحول في العلاقة بين البلدين، إذ تحوّلت التصريحات الأمريكية إلى التركيز على جانب تعزيز العلاقة، ومدى استراتيجيتها بالنسبة للولايات المتحدة، والتضامن مع السعودية في مواجهة الهجمات الحوثية والتأكيد على التزام الولايات المتحدة بأمن المملكة.

وشهدت هذه الفترة عودة للتواصل الرسمي مع الرياض، حيث جرت في النصف الأول من يوليو حضر نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان إلى واشنطن، والتقى خلالها بوزير الدفاع ووزير الخارجية. وكانت هذه الزيارة هي أرفع زيارة يقوم بها مسؤول سعودي منذ تولي بايدن لمهام منصبه. ولكن الزيارة تمّت بتعتيم إعلامي واضح من الطرف الأمريكي، حيث لم تقم الإدارة الأمريكية بالحديث عنها، واكتفى الوزير السعودي بنشر بعض التغريدات البسيطة عنها. وتم رفض ترتيب إي لقاء للوزير مع الكونغرس، أو إجراء لقاءات عامة.

ويلاحظ بشكل عام أن المواقف السلبية الأمريكية توقفت تقريباً بعد شهر فبراير، أي أن التوجه الأمريكي أصبح إيجابياً خالصاً منذ شهر مارس تقريباً.

الشكل رقم (1)

مؤشر العلاقة بين السعودية والإدارة الأمريكية

الشكل رقم (2)

المؤشر السلبي للعلاقة بين البلدين

استراتيجية إدارة بايدن تجاه السعودية

لا تعلن إدارة بايدن عن استراتيجية لها تجاه منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، ولم تقم حتى بتوضيح هذه الاستراتيجية لشركائها في المنطقة، وهو ما يدفع كل الفاعلين لمحاولة استنتاج كنه هذه الاستراتيجية والتصرف بناء على هذه الاستنتاجات.

ومن خلال تحليل سياسات الإدارة الأمريكية تجاه السعودية منذ توليها لمهامها في النصف الثاني من يناير 2021 وحتى نهاية أغسطس 2021، سوف نحاول استنتاج عناصر هذه الاستراتيجية، على النحو التالي:

1) تنفيذ الوعود الانتخابية

كان واضحاً أن الرئيس حريص على تنفيذ وعوده الانتخابية بحق السعودية، مثلما قام بذلك مع دول أخرى مثل تركيا. وبدا وكأن هذا التنفيذ مرتبط بدوافع داخلية متعلقة بالانتقام من إدارة ترامب وإرضاء الجناح التقدمي داخل الحزب الديموقراطي، أكثر من ارتباطه فعلياً بالسعودية.

ولذا فإنّ من الملاحظ أن الإدارة قامت بتكثيف خطواتها العقابية في الشهر الأول، كي تتمكن لاحقاً من إصلاح العلاقة والعمل بإيجابية مع الرياض.

2) شراكة دون شيكات على بياض

سعت الإدارة الأمريكية إلى التأكيد بشكل متكرر بأن مرحلة منح شركائها عموماً شيكات على بياض للقيام بما يحلو لهم داخلياً أو خارجياً قد انتهت مع حقبة ترامب. وينطبق هذا الأمر على بقية الشركاء (بما في ذلك إسرائيل) مثلما ينطبق على السعودية.

وتشير سياسات التحول السعودية على المستوى الخارجي أن الرياض تتصرف بالفعل باعتبار أن مرحلة السياسات الخشنة التي كانت تُغطيها وترعاها إدارة ترامب قد انتهت، بما دفع السعودية إلى العودة إلى مربع سياساتها التقليدية التي كانت سائدة قبل عام 2016.

3) التحول إلى الحياد في الحرب على اليمن

كانت الحرب في اليمن منذ اللحظة الأولى لانطلاقها مرتبطة بالعلاقات السعودية-الأمريكية وتطور الأحداث داخل السعودية، فالإعلان عن الحرب جاء من واشنطن بواسطة سفير المملكة آنذاك عادل الجبير الذي أخبر بانطلاق أولى العمليات العسكرية باسم عاصفة الحزم، ليعقبه بعد ساعات قليلة بيان من البيت الأبيض يؤكد فيه دعم إدارة الرئيس أوباما للتحالف العربي وتقديم بلاده للدعم اللوجستي والاستخباراتي وتأسيس خلية التخطيط المشتركة.

وبالمقابل، مثّل إنهاء الحرب في اليمن أحد العناصر الأساسية في خطة بايدن الخارجية إبان فترة ترشحه، ولذا فإنّه سيعمل في الغالب ما بوسعه من أجل تحقيقها خلال فترة ولايته، باعتبارها أحد مؤشرات نجاح سياسته الخارجية.

وقد اتبعت إدارة بايدن في هذا الاتجاه عدداً من السياسات السلبية تجاه الدور السعودي، أبرزها:

التراجع عن تصنيف الحوثيين باعتبارهم منظمة إرهابية، وهو القرار الذي اتخذه ترامب في آخر أيام ولايته.

إنهاء الدعم الأمريكي لكافة العمليات العسكرية الهجومية للتحالف، وما يتعلق بها من صفقات تسليح.

دعم جهود الأمم المتحدة لحلّ النزاع.

أظهرت هذه الخطوات تحول الولايات المتحدة من موقفها الداعم للحرب منذ عهد إدارة أوباما إلى موقف محايد على الأقل.

استراتيجية السعودية تجاه إدارة بايدن

تبنّت السعودية فور الإعلان عن فوز بايدن استراتيجية استباقية للتعامل مع الوضع الجديد الذي فرضه هذا الفوز. وتركّزت معظم التغييرات في التوجهات السعودية في الإطار الخارجي.

ويمكن حصر أبرز هذه التغيرات فيما يلي:

1) حل للنزاعات الإقليمية

قادت السعودية عملية إنهاء الحصار المفروض على قطر من خلال قمة العلا، والتي تبين أنها كانت بدفع سعودي خالص، دون قناعة من بقية شركاء الحصار، وخاصة الإمارات.

ولم تكتف السعودية بتوقيع الاتفاق، بل عملت على تطبيع العلاقات بشكل فعلي مع قطر، وشهد عام 2021 زيارات متبادلة على مستوى رفيع بين البلدين.

ويعتقد أن الدافع الأساسي لإنهاء الحصار كان استباقاً لتولي بايدن لمنصبه، حيث جرى توقيع اتفاق العلا قبل حوالي أسبوعين من تنصيبه.

كما شهد شهر يوليو زيارة غير عادية لسلطان عُمان إلى السعودية، والتي ارتبطت بعلاقة تاريخية متوترة مع السعودية. وشكّلت هذه الزيارة مؤشراً إضافياً على تغيير السعودية لتموضعها الإقليمي.

2) مبادرة للحل في اليمن

اتبعت الرياض الموقف الاستراتيجي للرئيس جو بايدن تجاه الحرب في اليمن من خلال تقديم عرض للحوثيين لوقف إطلاق النار.

3) الحوار مع إيران

أجرى السعودية في الآن هذا العام جولتين من المحادثات مع إيران في بغداد. وبالتوازي مع جولات الحوار التي كانت تُجرى بشكل سري، قال ابن سلمان في مقابلة في أبريل إن السعودية تسعى إلى إقامة علاقات جيدة مع منافستها، في تراجعٍ حادٍ مع تصريحاته السابقة، والتي قارن فيها خامنئي بهتلر.

ورغم أن فتح الحوار مع طهران وترطيب الأجواء معها لا يستهدف إرضاء واشنطن، لكنه يتناغم مع سياستها في المنطقة، وسعيها للتوصل إلى اتفاق مع إيران.

4) موازنة العلاقة مع خلال بكين وموسكو

في الوقت الذي سعت فيه السعودية إلى تعديل سلوكها بالكامل في محاولة إرضاء إدارة بايدن، عملت على ترسيخ علاقتها مع الصين وروسيا، في محاولة على ما يبدو إلى موازنة العلاقة مع واشنطن، وإبقاء الخيارات مفتوحة أمام الرياض

وقد وقّع نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان “اتفاقية تعاون عسكري” في 24 أغسطس مع أحد نظرائه الروس في موسكو، ولم يكشف الجانبان عن مضمون الاتفاقية. لكن توقيع هذه الاتفاقية السعودية الروسية – مهما كانت – في أعقاب سقوط الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة وصعود حركة طالبان في أفغانستان هو إشارة إلى أن الرياض لا تشعر بأنها تستطيع الاعتماد بشكل كامل على واشنطن ولذلك فإنّها على استعداد للتحوط في رهاناتها من خلال اللجوء إلى موسكو.

5) تغييرات داخلية محدودة

قامت السعودية ببعض التغييرات المحدودة في المجال الداخلي، كان أبرزها إطلاق سراح بعض السجناء، مثل لجين الهذلول في 10 فبراير 2021، بعد أقل من ثلاث أسابيع على تولي بايدن لمهامه،

الملخص التنفيذي

كان من الطبيعي أن تحضر السعودية في سياسته الخارجية منذ اليوم الأول له في البيت الأبيض نتيجة لحضور السعودية بشكل كبير في برنامجه الانتخابي، حيث أراد الرئيس أن يُظهر التزامه ووفاءه بوعوده.

ترتبط سياسة بايدن تجاه السعودية بشكل كبير بعلاقة إدارة ترامب معها، حيث حظيت السعودية بعلاقات متينة للغاية مع البيت الأبيض في عهده.

يُظهر تحليل مؤشر العلاقة بين البلدين إلى أنها انقسمت إلى مرحلتين أساسيتين، الأولى هي مرحلة الضغط والعقاب، وقد بدأت هذه المرحلة في اليوم الأول لتولي الإدارة لمهامها وانتهت تقريباً في اليوم الأول من شهر مارس 2021، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة إعادة ضبط العلاقة، وبدأت منذ مطلع مارس وحتى الآن.

شكّلت زيارة نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان إلى واشنطن بداية يوليو أبرز تطور في العلاقة بين البلدين، باعتباره أرفع مسؤول سعودي يزور واشنطن في عهد الإدارة.

ويلاحظ بشكل عام أن المواقف السلبية الأمريكية توقفت تقريباً بعد شهر فبراير، أي أن التوجه الأمريكي أصبح إيجابياً خالصاً منذ شهر مارس تقريباً.

تكونت سياسة إدارة بايدن تجاه السعودية من عدّة عناصر، أهمها تنفيذ الوعود الانتخابية، ووقف سياسة “الشيكات على بياض” التي كانت تمنحها إدارة ترامب للرياض، وتعديل موقف الإدارة تجاه الحرب في اليمن، والاستمرار في سياسات التعاون الأمني التي لم تتوقف تقريباً في أي مرحلة.

وبالمقابل، تبنّت السعودية فور الإعلان عن فوز بايدن استراتيجية استباقية للتعامل مع الوضع الجديد الذي فرضه هذا الفوز. وتركّزت معظم التغييرات في التوجهات السعودية في الإطار الخارجي. وكان من أبرز عناصر هذه الاستراتيجية إنهاء الحصار على قطر، وفتح مباحثات مباشرة مع إيران، وتقديم مبادرة للحل في اليمن، وتعميق العلاقة مع الصين وروسيا.

تقييم علاقة السعودية بإدارة بايدن

الإستراتيجيات بين البلدين

العلاقة الحالية

العلاقة بين البلدين انقسمت إلى مرحلتين أساسيتين، الأولى هي مرحلة الضغط والعقاب، وقد بدأت هذه المرحلة في اليوم الأول لتولي الإدارة لمهامها، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة إعادة ضبط العلاقة، وبدأت منذ مطلع مارس وحتى الآن، ويلاحظ بشكل عام أن المواقف السلبية الأمريكية توقفت، أي أن التوجه الأمريكي أصبح إيجابياً خالصاً منذ شهر مارس تقريباً.  

استراتيجية إدارة بايدن تجاه السعودية استراتيجية السعودية تجاه إدارة بايدن

تنفيذ الوعود الانتخابية.

حل للنزاعات الإقليمية.

شراكة دون شيكات على بياض.

مبادرة للحل في اليمن.

التحول إلى الحياد في الحرب على اليمن.

الحوار مع إيران.

موازنة العلاقة مع خلال بكين وموسكو.

تغييرات داخلية محدودة.