تقييم رؤية 2030 بعد خمس سنوات على إطلاقها

تمهيد

تم إطلاق “رؤية 2030” في شهر مايو 2016، وتم تقسيمها إلى ثلاثة محاور رئيسية: اجتماعية واقتصادية ووطنية، وتضمّنت 96 هدفاً فرعياً أو تفصيلياً، تنطلق من 6 أهداف رئيسية هي:

  1. اجتماعياً: تعزيز القيم الإسلامية والهوية الوطنية السعودية، تمكين حياة عامرة وصحية.
  2. اقتصادياً: تنمية وتنوع الاقتصاد وزيادة معدلات التوظيف.
  3. سياسياً: تعزيز فاعلية الحكومة وتمكين المسؤولية الاجتماعية.

ويُلاحظ أن هناك تشابك كبير وتداخل في هذه الأهداف على المستوى الكلي والفرعي، مما يجعل البرامج التي تفرعت عن الرؤية تستهدف مجمل الأهداف أعلاه.

ونستطيع أن نلاحظ أن البرامج الأحد عشر هي برامج اقتصادية بحتة، ولكنها تشترط أحياناً وتسعى في أحيان أخرى لتحقيق التزامات سياسية واجتماعية.

وفي سبيل دراسة المنجزات والعثرات التي تعرضت لها الرؤية خلال السنوات الخمس الأولى (المرحلة الأولى من الرؤية) لابد لنا أن نأخذ بعين الاعتبار الملاحظات الآتية:

يتم الحكم على الرؤية في أغلب الأحيان وفقاً للمعطيات التي تُقدمها المؤسسات الرسمية السعودية التي تمتلك الإحصائية والرقم وتُصدره للجمهور، وقد يصعب في معظم الأحيان الوصول إلى أرقام خارجية لا تستند لرقم داخلي يُشير إلى التقدم أو الإخفاق.

بعض الأهداف المعلن عنها في الرؤية هي أهداف بسيطة وفي إطار الممكن وهذا كان واضحاً منذ بداية إطلاق الرؤية، ولا يكمُن التحدي في تحقيق هدف أو اثنين، ولكن في إجراء عملية التحويل الشامل، ونقل الاقتصاد السعودي إلى طور آخر مختلف عما سبقه.

لم تشر الرؤية إلى بعض القضايا ولم تأخذها بعين الاعتبار، مثل ضبط الأسعار في السوق السعودية، حيث نلاحظ أنها تأثرت بشكل كبير نتيجة بعد الإصلاحات التي تمت، أي أننا نتحدث هنا عن إغفال التخطيط للأثر السلبي لبعض الأهداف المنجزة. وبالتالي فإنّ التقييم الفعلي للرؤية ينبغي أن يشمل الآثار غير المباشرة للتطبيق، وليس فقط استعراض الإنجاز لكل هدف من الأهداف.

أولاً: أبرز الإنجازات في السنوات الخمس الأولى من الرؤية

كان حديث ابن سلمان عن إنجازات الرؤية في 2030 استعراضياً وبعيداً عن الواقع، بل حتى أنه قدم أرقاماً متناقضة مع الأرقام الرسمية، رغم أن من المتوقع أن تُصبح هي الأرقام الرسمية في وقت لاحق، حيث بدأت الصحف والمجلات والقنوات بترديدها فهي صادرة عن أرفع مسؤول متابع للرؤية وعالم بتفاصيلها.

كما أن الأمير ألمح / أشار إلى أن نجاح الرؤية اقتصادياً يتطلب تغييرات اجتماعية، خاصة على مستوى الدين، بما يُشير إلى أن الرؤية تحتاج إلى إضافة أهداف جديدة، إما بشكل فعلي أو بصورة ضمنية.

وفي حال تم التسليم بالأرقام المقدمة من قبل الأمير ومن المؤسسات السعودية الرسمية الأخرى، فإن هناك إنجازات تم تحقيقها في السنوات الخمس الماضية، ويمكن أن يبنى عليها بشكل واضح في المرحلة المقبلة، ولعل أبرز ما تحقق هو:

تنمية أصول صندوق الاستثمارات العامة

شبه الأميرُ صندوقَ الاستثمار ببرميل النفط السعودي الثاني، فالأصول كانت في 2016 حوالي 250 مليار دولار أمريكي وأصبحت اليوم تقارب 400 مليار دولار تقريباً وهو أمر مهم، كون الصندوق يمكن أن يفعل الكثير أو يعول عليه أن يفعل الكثير، وقد قام فعلياً ببعض الإنجازات، ويتوقع أن تصل أصوله في 2030 حتى 10 ترليون ريال (2.6 ترليون دولار).

لكن هذه الزيادة تحتاج إلى توصيف لتحديد مصدرها قبل وصفها بالإنجاز، فقد تم بيع جزء من أرامكو كما باع الصندوق شركة سابك، وتم تحويل جزء من الاحتياطات النقدية للصندوق، أي أن زيادة أصول الصندوق لم تكن زيادة حقيقية، بقدر ما هي نقل للأموال من جيب لآخر، طالما أن الإيرادات التي يرفد الصندوق بها خزينة الدولة اليوم هي صفر (وقد أشار الأمير في مقابلته مؤخراً إلى أن هذه الواردات هي صفر حالياً، ولكن الطموح هو أن تصل إلى 8% سنوياً).

وبناء عليه، يمكن القول إن ما تم إنجازه في إطار صندوق الاستثمارات هو بناء حجر الأساس للاستثمار، وإذا ما تم البناء عليه بشكل صحيح فإنه قد يتحول إلى إنجاز، وما عدا ذلك فقد يكون جهداً ضائعاً، أو حتى إخفاقاً إن تم الاستثمار في مشاريع خاسرة، وهو ما حصل في أكثر من مشروع تم الاستثمار به في السنوات السابقة.

شراكات اقتصادية استراتيجية

وهي أحد الأهداف للرؤية، وهو هدف اقتصادي سياسي.

ويمكن القول إنه تحقّق بنسبة كبيرة، حيث تمتلك المملكة استثمارات في معظم الدول المهمة كالولايات المتحدة وروسيا والصين والهند ودول أوربا ولديها استثمارات كبيرة في المنطقة.

الأمن الغذائي السعودي

تمكنت المملكة خلال أزمة كورونا من توريد 31 مليون طن قمح في 2020، وهو رقم كبير ويدل على إمكانيات ضخمة.

التوجه نحو الطاقة البديلة

عن طريق إطلاق مشاريع على عدة مراحل داخل المملكة وكذلك إطلاق استثمارات في مشاريع طاقة بديلة خارج المملكة وهو هدف لا شك أنه يمكن أن يفتح مسارات عمل كبيرة.

منجزات أخرى

هناك عدد من البنود التي تُشير الأرقام الرسمية إلى تحقيق إنجازات فيها، مثل نسبة الإسكان وقيمة الاستثمارات الأجنبية، إلا أن المعطيات الإحصائية فيها غير واضحة أو غير مفصلة، بما يُمكّن من الحُكم عليها.

ويُفصّل الجدول رقم (1) أهم الإنجازات التي تحققت وفق الأرقام الرسمية، مع تقييم كل إنجاز منها.

الجدول رقم (1)

أبرز إنجازات رؤية 2030- المرحلة الأولى

الهدف في رؤية 2030

الإنجاز المتحقق

تقييم الإنجاز

أسباب التقييم

مستقبل الإنجاز حتى 2030

رفع نسبة تملك السكن للسعوديين

ارتفاع نسبة التملك من 47% إلى قرابة 62% في السنوات الخمس الأخيرة، وهو ما صرح به ابن سلمان منتقداً السياسات القديمة التي كانت تحاول وزارة الإسكان وحدها العمل دون تعاون بقية الجهات. تم صرف مبالغ كبيرة على قطاع العقارات على شكل قروض، وتم إحداث مؤسسات عقارية وصندوق عقاري رسمي، كما أن الوزارة منحت أراضي للمطورين العقاريين بأسعار مخفضة وأصدرت “قانون الأراضي البيضاء” لتحفيز الملاك على الاستثمار فيها، ومنحت الحكومة القروض المخفضة الفائدة للسكن والمعفية لبعض الموظفين كالعسكريين في الدولة.
وتم تأسيس “الهيئة العامة للعقار” لتنظيم القوانين العقارية.
منذ 2016 تقول هيئة الإحصاء أنها حققت نسبة تصل إلى 62% وأحياناً 63% ولكن هذا أمر يشكك به العقاريون/ ويتوقع أن نسبة التنفيذ اليوم أقل من 60%. من الممكن تحسن نسبة التملك الفعلي لتصل إلى 65%، حيث يتم صرف مبالغ ضخمة وإعطاء القطاع أولوية.

انخفاض نسبة البطالة

بطالة بحدود 12.5% من قوة العمل السعودية إنجاز وهمي، فعلى أرض الواقع البطالة أكبر ويتوقع أنه لا يأخذ بعين الاعتبار السيدات الراغبات بالعمل، فمع ازدياد ضغط المعيشة وعملية التحول التي تجري في المجتمع السعودي ترغب عدد من الفتيات بدخول سوق العمل. البطالة كانت في 2016 أقل من 12% ولكن ابن سلمان يصر على أنه حقق إنجازاً في مجال البطالة، حيث يقول إنها كانت فوق 14%. يتوقع أن تظل بحدود 10% أو أقل بقليل، وأن يبقى الاعتماد على الأجانب في قطاعات مختلفة، فالتغيير في مجال البطالة يتطلب إقناع السعوديين بالعمل في قطاعات لم يعملوا بها من قبل، وهو ما يتطلب وقتاً طويلاً نسبياً.

تحسين بيئة الأعمال

حققت السعودية تحسناً في تطوير بيئة الأعمال خاصة تأسيس الأعمال الجديدة حيث بلغ ترتيبهم 62 عالمياً في بيئة الأعمال. ملاحظ أن المملكة حسنت القوانين والإجراءات بشكل ملحوظ، بما ساعد على زيادة أعداد الشركات الجديدة. ومن أبرز ما قامت به هو النافذة الواحدة التي سرعت من عملية الترخيص. تأسيس النافذة الواحدة وتبسيط إجراءات الترخيص كانت وراء الأمر، وهو ما دعا البنك الدولي لتصنيف السعودية ضمن واحدة من عشرة اقتصادات حققت نقلة في مجال بدء الأعمال الجديدة. يتوقع أن تسير المملكة في نفس الطريق نحو تحسين بيئة الأعمال لتنافس الإمارات، ومن الملاحظ أن القوانين الصادرة في المملكة تدل على ذلك.

الاستثمارات الأجنبية

تضاعفت ثلاث مرات (من خمسة مليار إلى 17 مليار سنوياً) رغم أن الإقبال كان أقل من المأمول؛ إلا أن الإنجاز يعد نقلة نوعية، فرصيد الاستثمارات وصل إلى 2 ترليون ريال في نهاية 2020. ولكن من الضرورة الانتباه إلى أن أكثر من نصف المبلغ هو استثمارات غير مباشرة سهلة التأثر بالأحداث والأوضاع الداخلية. يتوقع أن توسع السوق السعودية المالية وزيادة عدد الشركات وتطور علاقات السعوديين مع شركاء أجانب هو ما جعل الاستثمارات ترتفع. بعد فرض قانون المقر فإن الزيادة في الاستثمارات الأجنبية ستكون حتمية، وممكن أن تفرض المملكة مزيداً من القوانين تعزز الاستثمار كما أن تحسن بيئة الأعمال يجعل الاستثمارات أكبر، لذا فإن السنوات الخمس المقبلة ستزيد من فرص الاستثمار في المملكة مع ضبابية المشهد في السنوات الخمس التي تلي عام 2025.

نشاط سوق تداول

يحقق السوق اليوم عشرة آلاف وكان سقفه سبعة آلاف قبل 2016، كما أن حجم التداولات اليومية ارتفعت بشكل ملحوظ يعد ارتفاع قيمة المؤشر وحجم التداول دليلاً على تنشط الأسواق المالية وتوافر السيولة المالية وهو يعكس حالية اقتصادية أفضل بالمجمل. هذا يأتي بسبب زيادة عدد الشركات المدرجة في السوق وكذلك زيادة عدد المستثمرين مما انعكس على ارتفاع المؤشر وكمية التداول. متوقع أن يستمر في الارتفاع ضمن السيناريو الراهن وقد يصل المؤشر في 2030 إلى أكثر من 13 ألفاً وهذا سيترافق بزيادة حجم التداول اليومي القادم من ارتفاع عدد الشركات والسيولة والمستثمرين.

زيادة حجم أصول صندوق الاستثمارات العامة

من الملاحظ ارتفاع قيم أصول الصندوق إلى قرابة 400 مليار دولار أمريكي بعد أن كان في مطلع 2016 أقل من 230 ملياراً. زيادة القدرة الرسمية للملكة على الاستثمار داخل وخارج البلاد وتطوير سيولة سهلة التحرك تحقق أهداف سياسية، اقتصادية واجتماعية. ساهم بيع بعض الأصول الرسمية مثل جزء من أرامكو صفقة سابك وتحويل جزء من الاحتياطي الرسمي للصندوق بتطوير موارد الصندوق كما يعد عائد الاستثمار في الصندوق أحد العوامل المساهمة في زيادة أصول الصندوق. من المتوقع أن ترتفع الأصول خاصة مع الحديث عن طرح بعض الأصول الرسمية السعودية كجزء من أرامكو وهيئة علم وغيرها من المسائل.

نمو القطاع غير النفطي

نمو بحوالي 4.5% في 2019 لا تزال نسب النمو للقطاع غير النفطي ضعيفة مقارنة بالقطاع النفطي مثلاً.
ارتفعت الإيرادات غير النفطية من 190 مليار نهاية 2015 إلى أكثر من 230 مليار في نهاية 2019 وهي زيادة ضعيفة نسبياً فهي تشكل أقل من 14% من التجارة السلعية السعودية.
لا تزال المملكة غير قادرة على تحقيق سياسة التنويع الاقتصادي ولم تفلح الإجراءات السابقة في تحقيق تطور كبير. يتوقع استمرار زيادة القطاع غير النفطي بنسب صغيرة سنوياً خاصة بالاستفادة من قطاع الطاقة المتجددة والاستثمارات المختلفة التي يقوم بها صندوق الاستثمارات العامة.

تنويع الإيرادات الحكومية

سعت الحكومة في فترة 2020 إلى تنويع الموارد عن طريق فرض رسوم جمركية وضرائب غير مسبوقة إضافة لرفع ضريبة القيمة المضافة إلى 15% مما خلق مورد جديد لخزينة الدولة كما تم تحرير بعض السلع الأساسية كالطاقة. بعد أزمة كورونا أعلنت وزارة المالية عن سلسلة إجراءات لتنويع الموارد أبرزها الدين العام وضريبة القيمة المضافة مما قلل الاعتماد على الاحتياطي النقدي المصدر التقليدي للحكومة الخطوة التي اتخذتها الحكومة صحيحة وفي المسار الصحيح، وبالفعل حققت موارد عملية للدولة لم تكن لديها من قبل. الإشارة إلى أن ضريبة القيمة المضافة والضرائب والرسوم الأخرى مؤقتة ويمكن إلغاء معظمها أمر غريب وغير مفهوم، ولكن يُتوقع عملياً أن استمرار هذه الضرائب وتحرير السلع سيستمر.

دعم الشركات المتوسطة لتصبح رائدة اقليمياً وعالمياً وإطلاق قطاعات جديدة

من الملاحظ أن الحكومة السعودية سعت لدعم الاستثمار الخارجي وافتتاح أعمال للأفراد والشركات السعودية في الخارج وقد استمرت الشركات السعودية بالتوسع في الخارج. من الملاحظ أن قطاعات غير مسبوقة تم افتتاحها في السعودية (توفير الطاقة، الصناعة العسكرية، تدوير النفايات…)، وهذا يساعد على مزيد من التوظيف، مزيد من الاستثمارات ومزيد من التوسع المستقبلي بكل تأكيد. تعود استراتيجية اختراق قطاعات غير مسبوقة لمرحلة ما قبل 2016، ولكنها تضمنت في رؤية 2030 وكانت ناجحة فعلياً، ومع اقتراب طرح شركة علم التقنية يأتينا مؤشر على نجاح هذا الدعم، كما أن دخول عدد من الشركات المتوسطة في السوق المالية وتوسع شركات سعودية نحو الخارج يدعم هذه الدلالة يعتبر هذا الهدف أحد أهم أهداف صندوق الاستثمارات العامة وبالتالي يتوقع استمراره في السنوات المقبلة، قطاعات جديدة سيتم افتتاحها خاصة في مجال الطاقة البديلة والبيئة والسياحة والترفيه.

بناء شراكات اقتصادية استراتيجية

توسيع الاستثمار السعودي في دول أوربا والهند وبعض الدول الآسيوية علاوة عن الولايات المتحدة الامريكية خاصة في فترة كورونا، كما نلاحظ توجه للتعاون والشراكة مع كل من روسيا والصين والدخول في السوق العراقية للمرة الأولى؛ مع زيادة الاستثمارات في مصر. تسعى السعودية لبناء استراتيجيات شراكة استثمارية مع مختلف الدول القوية ودول الجوار المهمة، وهي نقطة حققتها بشكل مقبول للآن رغم أنها لا تزال تركز معظم استثماراتها في الولايات المتحدة الأمريكية وتميل لها. اشترت السعودية حصة من شركة أغذية هندية، كما اشترت أسهماً في شركات تقنية كفيس بوك وبعض الشركات الأوروبية، وتسعى لدعم وجودها الاستثماري في العراق ورفع قيمة الاستثمارات في مصر، وهناك شراكة بقيمة 2.5 مليار دولار بين روسيا والسعودية. يتوقع أن تتجه السعودية لتعزيز علاقتها مع الهند بشكل أكبر من السابق، وبشكل جزئي مع كل من روسيا والصين، والمضي قدماً باستثمارات في كل من العراق ولبنان، وربما سورية مع نهاية 2030.

إنشاء مناطق خاصة وتأهيل المدن الاقتصادية

تمتلك السعودية اليوم 35 مدينة صناعية فيها أكثر من 3600 مصنع ونصف مليون عامل، وقد جرت عمليات تطوير البنى التحتية للمدن الصناعية تعد المدن الصناعية حجر الأساس في الصناعة الوطنية والاستثمارات الأجنبية لذا فإن السعودية للآن موفقة في وضع هذا الحجر، ولكن هناك ضعف في نسب الإنجاز في مختلف المدن حيث نجد مثلاً نسبة الإنجاز في تطوير مدينة العسير الصناعية هي 0%. تم تأسيس بنى تحتية للمدن الصناعية متطورة نسبياً وتم دمج المدن الصناعية في الاستراتيجة العامة مما جعل العمل مع المدن أكثر سهولة. يتوقع أن تتوقف الإنجازات عند 35 مدينة حتى عشر سنوات والتركيز يجري على ملء هذه المدن وتطوير بناها الإدارية والتحتية.

دعم نمو القطاع غير الربحي

يلاحظ أن هناك تركيز على القطاع غير الربحي حيث يعمل فيه قرابة 80 ألفاً حتى نهاية 2018، كما يلاحظ ارتفاع عدد المؤسسات الاجتماعية مقابل الدينية للمرة الأولى. تعد المؤسسات غير الربحية محفزاً لردم الفجوة الاجتماعية وداعماً لتلبية متطلبات المجتمع وهي في المجتمع السعودي تلعب دور المجتمع المدني المدجن من قبل السلطة، وتعد المؤسسات المؤسسة من قبل الأمراء والأميرات هي الأكبر في هذا القطاع. تمتلك المملكة اليوم مؤسسات غير ربحية في الثقافة والتعليم والخدمات الاجتماعية والرياضة والدعم الخيري والمهن والتدريب وكل ذلك نما إلى جانب الجمعيات والمؤسسات الدينية التي كانت تهيمن على المشهد. سقف مؤسسات المجتمع المدني هو دعم سمعة الأمراء والأسر الغنية ولا يتوقع أن تتعدى هذا الدور، ومن الصعب أن ينمو القطاع غير الربحي لمستويات أكبر.

تحقيق الأمن الغذائي

صمد قطاع الإمداد والإنتاج الغذائي أمام أزمة كبيرة هي أزمة كورونا مما يدل على أن المملكة استطاعت تقديم المطلوب في ظروف صعبة. يعد تأمين المنتجات في ظروف صعبة كأزمة كورونا إنجازاً يُحتفى به في الدول العربية بشكل عام، والسعودية التي يضعف فيها الإنتاج الزراعي بشكل خاص. دعمت المملكة 35 مشروعاً زراعياً داخل أراضيها، ورفعت من كمية مستوردات القمح لتصل في 2020 إلى 31 مليون طن وهو رقم كبير، ويدل على حجم الإنفاق الحكومي، كما أنها اشترت حصصاً في شركات غذائية داخل وخارج المملكة. استمرار دعم القطاع الزراعي وبالتالي الغذاء هي قضية رئيسية عند المملكة وتقوم بناءً عليها بشراكات مع دول عربية عدة، ويتوقع أن يحتل الغذاء موضعاً مهماً في الاستثمارات الخارجية السعودية خاصة الرسمية منه.

تطوير الحكومة الإلكترونية

أثبتت الخدمات الإلكترونية في أزمة كورونا قدرتها على مواكبة الحدث مما يدل على بنية تحتية جيدة. قدمت المملكة 2500 خدمة للمواطنين عبر الإنترنت. وقد ساهمت هذه الخدمات باستمرار العمل من المنزل في ظل ظروف الإغلاق. الخدمات البنكية، الخدمات الحكومية كلها كانت متوفر في فترة الإغلاق والحظر مما دل على بنية تحتية جيدة وتحقيق الهدف، كما تعد تطبيقات المدرسة الإلكتروني التي طبقت في السعودية خلال أزمة كورونا سابقة للأزمة ومتطورة نسبياً عنها. تهتم السعودية كثيراً بالخدمة الإلكترونية وضبط معاملاتها ويتوقع أن يستمر هذا النهج حتى 2030.

مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة

إطلاق عدد من مشاريع الطاقة المتجددة في السنوات السابقة حققت المملكة تطوراً في مجال طاقة الشمس والرياح إلى جانب المصادر التقليدية تم إطلاق عدد من المشاريع للطاقة المتجددة عبر منصة الطاقة المتجددة برعاية وزارة الطاقة وبدأ بعض هذه المشاريع يؤتي ثماره في توليد طاقة رخيصة ونظيفة متوقع التركيز بقوة على هذا الجانب وصرف مبالغ ضخمة لتطوير العمل في الطاقة المتجددة.

ثانياً: الإخفاقات في رؤية 2030 المرحلة الأولى

ويلاحظ على العموم أن التأثير والاهتمام السعودي في مجال الإعلام ينصب نحو الجمهور الناطق باللغة العربية، مع ضعف واضح بالاهتمام بالناطقين بلغات أخرى.

بالمجمل نجد أن أبرز الإخفاقات التي منيت بها المرحلة الأولى من رؤية 2030 تتعلق ببعض الجوانب وهي:

السياحة والحج والترفيه: أي تلك التي تأثرت بكورونا بشكل كبير ولما يتسن الحكم عليها بعد أو تقييمها بالشكل الكافي، حيث يتوقع أن تعَطُّل هذه الأهداف في القطاعات المذكورة قد يستمر لمدة عامين.

الأهداف التي تتعلق بثقافة المجتمع السعودي: كالرياضة والحوادث والمخدرات، وهي أهداف يظهر أنه لم يتم انجاز شيء يذكر فيها، مما يدل على ضعف فعالية الحكومة في التأثير على المجتمع، وافتقادها لشخصيات قيادية وهذا سيؤدي إلى أن المسألة تحتاج لسنوات طويلة حتى يتم الإنجاز فيها.

بعض الأهداف الطموحة للغاية: كالصناعات العسكرية التي كان يتأمل توطين جزء منها، حيث نلاحظ أن الأمر لم يتحقق على أرض الواقع رغم أهميته، ولا يبدو أن الأهداف المحددة هي أهداف واقعية أصلاً.

الخدمات البسيطة والتي كان يتوقع أن تكون ممكنة: كالرصيف والشارع والساحة والحديقة، حيث يبدو أن المسؤولين بدأوا بالأصعب وتركوا الأمور الممكنة التي يحتاجها المواطن، أو أنهم لم يلتفتوا لأهميتها بعد في حياة المواطن والتأثير عليه.

ويرصد الجدول رقم (2) أبرز الإخفاقات التي اعترت مسيرة الرؤية بعد خمس سنوات من إطلاقها.

الجدول رقم (2)

أبرز الإخفاقات في رؤية 2030 – المرحلة الأولى

الهدف في رؤية 2030

الاخفاق

تقييم الاخفاق

أسباب التقييم

مستقبل الاخفاق حتى 2030

استضافة الحجاج والمعتمرين وإثراء التجربة الثقافية

تراجعت أعداد المعتمرين والحجاج بشكل ملحوظ في 2020 وموسم 2021 كما هو متوقع من خلال التسجيل لموسم الحج والإعلانات الرسمية، كما تراجعت أرقام المعتمرين كذلك طيلة العام طبقاً لظروف كورونا. ولم تستطيع الجهات المشرفة حتى اليوم فتح قنوات للموارد الممكن أن تأتي من موسم الحج حيث لا تزال المسائل تقليدية للغاية. ينقسم الإخفاق إلى جزئين الأول خارج عن إرادة وقدرة الجهة المشرفة والثاني ناتج عن تقصيرها، مما يحرم المملكة موارد كبيرة وفرص استثمارية واسعة. يعود التعثر الأخير في الأعداد لأسباب خارجية تتمثل بظروف انتشار وباء كورونا بالدرجة الرئيسية، ولكن مسائل اثراء التجربة الثقافية وتنويع مصادر الموارد المتأتية من الحج يبدو أنه تباطؤ انجاز من الجهات الرسمية المشرفة على التنفيذ. يتوقع عودة أعداد المعتمرين والحجاج تدريجياً خلال ثلاث سنوات لتصل في مواسم الحج إلى 2 مليون حاجاً، ولكن قد يصعب بأي حال زيادة الرقم إلى ما هو موضح في الرؤية حتى مع نهاية 2030 فالخروج من أزمة كورونا علّم الدول أن الحشود والتجمعات تحتاج أسلوباً جديداً في الإدارة قد يتطلب إنفاق مزيد من المال والوقت.
كما أن إثراء التجربة قد يتحقق مع نهاية 2030 لنشهد متاحف ومزارات ومواقع على أرض الواقع يمكن أن يزورها الحاج، وتطول بالتالي إقامته وإنفاقه في المملكة.

تعزيز ممارسة الرياضة في المجتمع

بلغت نسبة من يمارس الرياضة لمدة 20 دقيقة وأكثر (يومياً) قرابة 18%. من إجمالي سكان المملكة فقط في 2019. النسبة مخيبة حتى اللحظة، وما يتوقع أن ينتج عنها هو مزيد من الأمراض، التغيب عن العمل والمدرسة، وتراجع معدلات نشاط المجتمع بأسره. هناك مسائل تتعلق بالمناخ في المملكة ومسائل أخرى تتعلق بثقافة المجتمع، ولكن على أي حال تعتبر الجهة المشرفة على تحقيق الهدف مقصرة في استهداف كل من الثقافة والإجراءات على أرض الواقع كتأمين صالات مغلقة لممارسة الرياضة وتوسيع المباريات والأنشطة والمهرجانات الرياضية. يمكن تطوير نسبة الممارسين بلا شك خلال السنوات العشر المقبلة، ولكن الأمر يحتاج إلى جهد كبير.

تطوير وتنويع فرص الترفيه

جرى أحداث بعض المهرجانات، الحفلات، الصالات، ولكن المنجز ما يزال بعيداً عن الهدف حرمت الاقتصاد السعودي من جزء من موارد الترفيه والسياحة الداخلية وكذلك أخرت إمكانية توظيف أموال وأشخاص في هذا القطاع. قد يرجع جزء من الإخفاق لظروف انتشار كورونا التي أوقفت الأنشطة الترفيهية وكذلك هناك مسائل تتعلق بثقافة المجتمع السعودي، ولكن الجهة المشرفة لم تنجح بإجراء اختراقات تذكر. يمكن تطوير الفعاليات والفرص الترفيهية المتاحة بلا شك خلال السنوات العشر المقبلة، ولكن الأمر يتطلب تغيرات ثقافية أكثر من كونها استثمارات.

تعزيز حصانة المجتمع من المخدرات

تنتشر المخدرات في السعودية لدرجة أن أحياء كاملة في المملكة تعتبر أوكاراً علنية للترويج يدفع الشباب السعودي ملايين الريالات شهرياً ثمناً لهذه السلع وتتسبب المخدرات بانتشار الجريمة وجعل المملكة هدفاً سهلاً لخصومها، وخاصة حزب الله وإيران. يبدو أن الفساد وضعف الرقابة وطمع التجار المصدرين بالأموال السعودية هو ما يزيد من فرص دخول المخدرات للمجتمع السعودي، ولكن بغير شك فإن المسؤولين عن تحقيق هذا الهدف ما زالوا بعيدين كل البعد عن تحقيقه. من الصعب تحقيق إنجازات تذكر في هذا الإطار حيث إن هناك معامل وورش داخل وخارج المملكة، ويتوقع أن التغيير يحتاج إلى سنوات طويلة عن طريق الاقناع وتغيير الثقافة بالدرجة الأولى إلى جانب أنظمة وقوانين لا تحابي أحد.

تحسين ترتيب المؤسسات التعليمية

تأتي السعودية في المركز الرابع والخمسين عالمياً في مستويات التعليم وجامعاتها لا تعد متقدمة على مستوى العالم، وتسبقها قطر والأردن والإمارات. لا يزال النظام السعودي للتعليم بعيداً عن الاستراتيجية والرؤية وتنخفض معدلات التعليم في المملكة مما يجعل الطلاب يلجؤون لجامعات أجنبية وتقل الثقة كثيراً بالمعلم السعودي حتى اللحظة مما يصعب مهمة بناء الجيل المقبل. لدى السعودية مشكلة في إيجاد المعلمين والإداريين المؤهلين لقيادة العملية التعليمية، حيث يتصف المعلم السعودي بأنه صلب وجاف ويفتقر للأدوات التربوية رغم امتلاكه للمعرفة اللازمة. من المتوقع تحقيق إنجازات في مجال الجامعات بتحسين ترتيبها عالمياً عن طريق استحداث مراكز بحثية وإنفاق المال على تحسين مرافقها.

فاعلية التخطيط المالي والإنفاق الحكومي

تم رفع ضريبة القيمة المضافة ورسوم جمركية وضرائب بعد أيام من إنفاق ضخم على شكل حزم تحفيزية واليوم يجري الحديث عن الغائه قريباً. يحرم الموازنة السعودية من الاستقرار، والاستثمارات من فهم السوق والتنبؤ به، كما يهرب رؤوس الأموال التي لن تكون قادرة على العمل لسنوات طويلة في بيئة عدم يقين كاملة. رغم أن التوجه نحو رفع القيمة المضافة وبعض الرسوم أتى في وقت سيء إلا أنه نتيجة لابد منها، ولكن الغريب أن يتم الحديث عن إلغائه. يتوقع أن تستمر المملكة في تحرير السلع والخدمات وتحقيق موارد من الطاقة والمياه والإنترنت وفرض ضريبة قيمة مضافة معتدلة كمعدل 10% أو الحفاظ عليها عند 15% مما يعني تنويع الموارد الحكومية، وسيصعب على المملكة تخفيض الإنفاق وترشيده كون الحكومة تقود المجتمع بالإنفاق وتسعى السعودية لقيادة محيطها بالأداة ذاتها.

توطين الصناعات العسكرية

فشلت السعودية في توطين معظم الصناعات التي استهدفتها تنفق السعودية سنوياً قرابة 4 مليار ريال على القطاع العسكري وتسعى لتوطين نصف الإنفاق العسكري على أقل تقدير بحسب الرؤية، ولكن حتى اللحظة نجد أن المملكة تشتري من الخارج وتعتمد على الدول الأجنبية لشراء مستلزماتها في الغالب. تعد الصناعة العسكرية أكبر من إمكانيات المملكة في الوضع الراهن، كما أن الشركاء الذين تعتمد عليهم المملكة في إحلال بدائل صناعاتهم ليس من مصلحتهم القيام بذلك. قد تحقق المملكة بعض التقدم في مجال المدرعات الحديثة والبحرية والرادارات وبعض المعدات والذخائر خلال السنوات العشر المقبلة، ولكن دون أن تصل لهدف إحلال نصف إنفاقها العسكري

خصخصة خدمات حكومية محددة

سعت المملكة لخصخصة عدد واسع من الخدمات لديها وأبرزها الخدمات الصحية، ولكن الأمر متعثر حتى اللحظة رغم التوقع أن كورونا والأزمة الصحية المرافقة مثلاً قد يزيد من وتيرة التخصيص لإصلاح القطاع الصحي. حرمان المجتمع السعودي من خدمات ذات جودة جيدة وحرمان الاقتصاد من موارد أكبر المركزية التي تعمل بها المملكة وضعف الكفاءات الإدارية والاعتماد على المستشارين الأجانب يؤخر من هذه الاجراءات يتوقع أن يتم تحقيق هذا الهدف بشكل شبه تام حيث إن الخصخصة هي أفضل الحلول لكل من القطاعين العام والخاص

تعزيز التميز في عدة رياضات إقليمياً وعالمياً

رغم وصول المنتخب السعودي إلى كأس العالم 2018 إلا أنه لا يعد انجازاً غير مسبوق حيث وصل أربع مرات قبل ذلك وخرج من الدور الأول ويلاحظ أن بقية القطاعات الرياضية تغيب فيها السعودية عدم تحقيق إنجازات إقليمية ودولية يقلل من قيمة المملكة رياضياً ومن قدرتها على ترويج برامجها سياسياً، كما يحرم الاقتصاد من الاستفادة من قطاع الرياضة والاهتمام والاستثمار فيه. السياسات الرياضية لا تزال غير مدروسة، الكفاءات السعودية في مجال القيادة الرياضية ضعيفة رغم وجود لاعبين مميزين. يتوقع أن تحقق المملكة إنجازات في رياضات تتناسب مع ثقافتها مثل “الصيد” والفروسية وسباق الجمال وغيرها، ولكن سيصعب المنافسة في قطاعات أخرى.

تحسين المشهد الحضري في المدن (أنسنة المدن)

لا تزال المدن السعودية بعيدة عن “الأنسنة”، وتعد غير قابلة لممارسة حياة طبيعية يومية تبذير فرص التسوق والنزهات والسياحة والعيش بسلام وغيرها من الفرص التي تتيحها المدينة. الاهتمام بالأرقام الضخمة والإنجازات ذات المستوى العالي وإغفال الخدمات البسيطة كالرصيف والشارع والساحة العامة والحديقة. يمكن للسعودية أن تحقق إنجازات معقولة في تطوير مدنها خاصة لجهة جعلها أكثر حيوية وانتعاش.

تعزيز السلامة المرورية

تعد السعودية الأعلى في الحوادث المرورية في العالم. خسارة الأرواح وتعطيل الطرق والحياة العامة والأعمال أثناء الحوادث. تزيد الوفيات السنوية عن 30 وفاة لكل 100 ألف شخص، وهو من أعلى المعدلات العالمية وتعد الطرق وتخطيطها ونوع السيارات وثقافة القيادة أسباباً مهمة في هذا الإطار. يمكن أن تحسن السعودية من السلامة المرورية حيث أصدرت فعلياً قوانين شددت فيه الغرامة، ويبدو أنها ستحقق تقدماً في هذا المجال.

تطوير القطاع السياحي

تم تأسيس هيئات وصناديق، ولكن الواقع لا يزال رضيعاً لمّا يكبر بعد ينفق السعوديون مليارات الريالات في الخارج سنوياً وتمتلك المملكة أماكن زيارة كبيرة تؤهلها لاستقبال السياح، ولكنها لم تفعل الكثير للآن. رغم تركيز ولي العهد على بعض الأماكن والمشاريع السياحية في الآونة الأخيرة إلا أن الجهات المشرفة على السياحة لم تبلور استراتيجية سياحية منطقية مما استدعى لتعيين خبيرة دولية لتطوير السياحة في كل المملكة. من المتوقع أن تتحسن السياحة في المملكة خاصة وأنها ثقافياً تحتوي أماكن فريدة يمكن أن يقصدها الملايين.

استقطاب المواهب العالمية

تعتبر السنوات الثلاث أو الأربع الماضية سنوات هروب الكفاءات وتنفيرها. خسرت المملكة كفاءات أجنبية ومحلية كثيرة. بسبب التحول الاقتصادي وقانون السعودة والأوضاع الأمنية وتغيير بعض القوانين. لا يتوقع أن تستطيع المملكة جذب الكفاءات مالم تجري تغييرات جوهرية ليس فقط في القانون، بل في مجمل البيئة الاجتماعية السعودية

معدل التضخم

بلغ معدل التضخم 5.3% في النصف الثاني من 2021. ارتفعت أسعار السلع الغذائية بقرابة 9% والنقل حوالي 15% وإذا تم استثناء التعليم فيعتقد أن نسبة التضخم تزيد عن 8%. رفع ضريبة القيمة المضافة وفرض رسوم وضرائب ورفع الأسعار وتحرير السلع والتوجه نحو الخصخصة. يتوقع أن معدلات 4% إلى 5% ستبقى سائدة في المملكة، وقد تتحول مشكلة التضخم لمشكلة مزمنة تشبه مشكلة البطالة حالياً خلال السنوات العشرة المقبلة.

الملخص التنفيذي

شكّل طرح “رؤية 2030” عام 2016 نقطة تحول في مسيرة محمد بن سلمان، والذي أراد للخطة أن تبني صورته الحالية وإرثه المستقبلي، كما كانت نقطة تحول في مسار الاقتصاد والمجتمع السعودي، نظراً لأن ابن سلمان كان قد أمسك بزمام السلطة، وبالتالي فإنّه امتلك كامل الصلاحيات ليُعدّل من هيكلية الاقتصاد والدولة والمجتمع بما يتناسب مع الرؤية.

تقييم الإنجاز والإخفاق بالنسبة للرؤية، في هذا التقرير أو في غيره، عبر المعطيات التي تُقدمها المؤسسات الرسمية السعودية التي تمتلك الإحصائية والرقم وتُصدره للجمهور، وقد يصعب في معظم الأحيان الوصول إلى أرقام خارجية لا تستند لرقم داخلي يُشير إلى التقدم أو الإخفاق. إلا أن ذلك لا يعني أن هذه المعطيات هي بلا قيمة تماماً، فالكثير من المعطيات لا يمكن للدولة أن تقوم بتغييرها بشكل كبير، خاصة تلك التي ترتبط بمؤسسات دولية (مثل الاستثمار الخارجي)، وهناك معطيات ملموسة لا يمكن ادعاء تحققها (مثلاً الانتهاء من إنجاز مشروع بعينه).

بعض الأهداف المعلن عنها في الرؤية هي أهداف بسيطة وفي إطار الممكن وهذا كان واضحاً منذ بداية إطلاق الرؤية، ولا يكمُن التحدي في تحقيق هدف أو اثنين، ولكن في إجراء عملية التحويل ونقل الاقتصاد السعودي إلى طور آخر مختلف عما سبقه.

لم تشر الرؤية إلى بعض القضايا ولم تأخذها بعين الاعتبار، مثل ضبط الأسعار في السوق السعودية، حيث نلاحظ أنها تأثرت بشكل كبير نتيجة بعد الإصلاحات التي تمت، أي أنه الرؤية أغفلت التخطيط للأثر السلبي لبعض الأهداف المنجزة. وبالتالي فإنّ التقييم الفعلي للرؤية ينبغي أن يشمل الآثار غير المباشرة للتطبيق، وليس فقط استعراض الإنجاز لكل هدف من الأهداف.

يُلاحظ على العموم أن ابن سلمان يهتم بالإنجازات والمشاريع الكبيرة التي يمكن أن تدخل في صناعة صورته الحالية والمستقبلية (مدينة ضخمة، تغيير جذري في قيم المجتمع.. إلخ)، وبالتالي فإنّ الموارد يتم تخصيصها لهذه المشاريع على حساب الأهداف التي تؤثر في حياة المواطن ولكن لا تؤثر في صورة الأمير (نسبة البطالة، حوادث السير.. إلخ).

قطع مسار تطبيق الرؤية شوطاً جيداً إلى حدّ ما في تطبيق بعض الأهداف، أو على الأقل فإنّه  يبدو في الطريق الصحيح لتحقيق إنجاز فيها بحلول 2030، وأهم هذه الأهداف هي:

1. تنمية أصول صندوق الاستثمارات العامة

2. رفع نسبة تملك السكن للسعوديين

3. التوجه نحو الطاقة البديلة

4. شراكات اقتصادية استراتيجية

5. تحسين مستوى الاستثمارات الأجنبية

6. نمو القطاع غير النفطي

7. تنويع الإيرادات الحكومية

بالمقابل، يبدو أن مسار العمل في بعض الأهداف ضعيف، ولا يُبدو أنه يمكن أن يوصل إلى تحقيق الأهداف المحددة في الرؤية، ولا حتى إلى مستوى قريب منها. ومن أهم هذه الأهداف:

1. استضافة الحجاج والمعتمرين وإثراء التجربة الثقافية

2. تعزيز حصانة المجتمع من المخدرات

3. فاعلية التخطيط المالي والإنفاق الحكومي

4. توطين الصناعات العسكرية

5. خصخصة الخدمات الحكومية

6. تعزيز التميز في عدة رياضات إقليميا وعالميا

7. تحسين المشهد الحضري في المدنة (أنسنة المدن)

8. تعزيز السلامة المرورية

9. تطوير القطاع السياحي

10. استقطاب المواهب العالمية

11. معدل التضخم