24: الإرهاب وازدواجية المعايير

24: الإرهاب وازدواجية المعايير

يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: ” الإرهاب في الأساس هو إنكار لحقوق الإنسان وتدمير لها، والحرب ضد الإرهاب لن تنجح أبدا بإدامة نفس هذا الإنكار والتدمير. يجب أن نحارب الإرهاب بلا هوادة لحماية حقوق الإنسان. وفي نفس الوقت عندما نحمي حقوق الإنسان، فإننا نعالج الأسباب الجذرية للإرهاب.” لا يمكنك أن تجد كلامًا أكثر حكمة من ذلك ولكن إن جئت للتطبيق الفعلي وعلى أرض الواقع فإن هذا لا يحدث، والدول التي تدَعي بأنها تكافح الإرهاب وتحاول أن تقضي على جماعاته ماهي إلا دول منشئة لهذه الجماعات ومقوية لها من أجل تحقيق مصالح معينة لهذه الدول ولتكون مبرر لها للتدخل في شؤون الدول الأخرى، وهنا في مسلسل 24 تتضح لنا صورة البطل الخارق- كما يصورونه- الذي يحارب الإرهاب ويعشق السلام.

قصة المسلسل

تدور أحداث مسلسل 24 حول العميل جاك باور الذي يمتلك من المهارات والخبرات ما يضعه في مرتبة الصفوة، بناء على ذلك يتم تكليفه من قبل قادته بعدد من المهام بالغة الخطورة والتعقيد، التي تقضي إحباط عدد من الهجمات الإرهابية على اختلاف أشكالها بشرط أن يتم إنجاز المهمة خلال يوم واحد فقط (24 ساعة).

رسائل سياسية

كالمعتاد لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تمارس كافة أنواع العنف والنهب والتدخل ومحاولة فرض هيمنتها على العالم أجمع وكأنها تمتلك هذه الأرض ومن عليها، وكما نرى في عالمنا اليوم أصبح المال السياسي يتحكم بالديمقراطية واختيار الشعوب لحكامها عن طريق الكثير من القوانين التي تنتج تحالفات بين رجال المال ورجال الحكم

  • هنا بطل المسلسل يعتمد على أشبه ما يُدعى بالقوة الخارقة، ويعتمد على مهاراته وخبراته المميزة في محاولة إفشال الكثير من العمليات الإرهابية وفي محاولة حماية الكثير من الشخصيات المهمة ولكن في أثناء أدائه لهذه المهمات هو على استعداد لارتكاب أي جريمة مقابل تحقيق هدفه أي يمشي على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة، أي محاربة الإرهاب بالإرهاب كما يحدث دائما
  • المسلسل تعرض لانتقادات حادة بسبب السلوك العنيف لبطله الرئيسي والمُتمثل في استخدام التعذيب لانتزاع المعلومات من الأشخاص لمجرد الحصول على طرف خيط يوصله لهدفه أو ليحمي شخصية معينة
  • نلاحظ خلال المسلسل التجاهل للأخلاق العامة يضع بطل المسلسل على خلاف مع الآخرين حتى يثبت أنه على صواب طوال المسلسل، وتتكشف لنا معظم عناصر الحبكة الرئيسية كالإثارة السياسية التي تؤدي إلى الموت والنهايات المأساوية ويستخدم باور أشخاصًا خارجين عن القانون في محاولاته لمنع الهجمات الإرهابية وإسقاط المسؤولين عنها ، وأحيانًا على حساب شخصي كبير وبغض النظر عن الظروف والطرق والأساليب المستخدمة و تشمل هذه الهجمات عادةً محاولات اغتيال رئاسية، وتفجير قنابل، وإرهاب بيولوجي، وحرب إلكترونية، بالإضافة إلى مؤامرات تشمل فساد الحكومة والشركات المهمة
  • وفي بداية الموسم الثاني يجب على جاك إيقاف قنبلة نووية من التفجير في لوس أنجلوس، ثم مساعدة الرئيس ديفيد بالمر في إثبات المسؤول عن التهديد وتجنب الحرب بين الولايات المتحدة وثلاث دول في الشرق الأوسط على أساس شائع وهو أن المسؤول عن أي عملية إرهابية تحدث في الولايات المتحدة أو أي مكان في العالم هي واحدة من الدول الشرق الأوسطية، وهنا تهمة صريحة مغلفة بقالب محاولة تعميم السلام وتفضيله على الحرب وذلك كإحسان من الولايات المتحدة تجاه دول الشرق الأوسط والعالم أجمع، وهنا تسود النظرة الفوقية والديمقراطية الصلفة مرة عاشرة
  • وفي مشهد يجب أن ينقذ جاك حياة رئيسه الجديد ، وزير الدفاع جيمس هيلر، وابنة هيلر أودري رينز (التي يتورط جاك معها في علاقة عاطفية) عندما يتم اختطافهم من قبل الإرهابيين. ومع ذلك ، يستخدم حبيب مروان هذا كتمويه لشن المزيد من الهجمات ضد أمريكا، ويضطر جاك لاستخدام أساليب غير تقليدية لمنعه ، مما يؤدي إلى عواقب طويلة المدى لكل من جاك والولايات المتحدة وهنا لا نرى من يحاسب أو يعاقب الأطراف بعدالة بل كل شيء متاح وكأننا في شريعة الغاب فعلا، واذا طبقنا نظريتهم في الحرب على الإرهاب على الجرائم التي تحدث يوميا، إذن أي شخص بإمكانه أن يقاصص من اعتدى عليه ليأخذ بثأره، أين القوانين الدولية وأين حقوق الإنسان وأين محكمة الجنايات!
  • في أحد المشاهد تم إحضار جاك من قبل CTU للكشف عن مؤامرة روسية لاغتيال الزعيم الإسلامي عمر حسن أثناء مفاوضات السلام مع الرئيس الأمريكي تيلور، تتضمن خطة الطوارئ الروسية هندسة قنبلة قذرة يهدد المتطرفون الإسلاميون بتفجيرها ما لم يتم تسليم حسن، فيسعى جاك للانتقام من الخسائر الشخصية التي تكبدها بعد أن أقنع تشارلز لوجان تايلور بالتستر على هذه الجرائم لحماية اتفاقية السلام، وفي النهاية يجد جاك نفسه على خلاف مع الحكومتين الروسية والأمريكية، وهنا بإمكانك التحقق من نزاهة هذه العمليات كما يدَعون والظروف المحيطة بها والغايات الحقيقية وكيف تسود المصالح الشخصية ونظرية الانتقام خلف الكواليس
  • بعد النجاح الذي ظنّت هوليوود أنّها حققته في محاربة عدوّها الأول “الشيوعية” خاصة خلال حقبة الحرب الباردة، كان عليها إيجاد عدوّ جديد، يتصدّر شاشات العرض، ويصبح كبش الفداء الذي تناضل أمريكا لتخليص البشرية من شرّه، كان هذا العدو هو العرب، والعرب المسلمون بشكل خاص،  واستمرت بتقديم صورة العرب والمسلمين على نحو ساخر خالٍ من التناول الموضوعي لتلك الشخصية، وهذا يطرح إشكالية الدور الذي تلعبه السينما في تشكيل وجدان الشعوب والمجتمعات الغربية تجاههم؛ وذلك واضح جليا في مشاهد وتفاصيل مسلسل 24 الذي يدور ويدور ويلصق التهمة إما بالجماعات الدينية أو العرب والمسلمين وان ابتعدوا فإنها احدى دول الشرق الأوسط