behind enemy lines: تكلفة الحرب الإنسانية

behind enemy lines: تكلفة الحرب الإنسانية

منذ عشرات السنين وهناك الكثير من الحروب التي تُخاض ضد الشعوب على اختلاف الأسباب والغايات سواء بسبب المطامع الاستراتيجية أو بسبب المكاسب المادية أو من أجل النفط والبترول، ولكن برغم تعدد الأسباب فإن من أحد الأسباب الجديرة بالذكر هي الحروب التي ُتخاض ضد المسلمين، وكما حدث تماما في حرب البوسنة والهرسك التي أُبيد بسببها مئات الآلاف من المسلمين والتي انتهت في عام 1995 والتي أخمدتها اتفاقية دايتون بشكل سيئ، وهي الآن مرشحة للاندلاع من جديد، واتفاقية دايتون كانت بالفعل مجرد خطة معيبة وغير مكتملة أنهت الصراع دون نزع فتيل العديد من القضايا المتفجرة.

قصة الفلم

فيلم هوليودي من إنتاج سنة 2001 تدور وقائعه على أرض البوسنة والهرسك ويرصد في لمحات خاطفة بعض جرائم الصرب بحق مسلمي البوسنة والمذابح الجماعية لسكانها الآمنين من المدنيين، وقصته تتحدث عن طيار أمريكي يُدعى كريس يخرج في جولة معتادة مع رفيقه لتفقد بعض المناطق المسؤولين عنها ويحلق بطائرة إف-18 ، منطلقًا من حاملة الطائرات الأمريكية في البحر المتوسط لتنفيذ مهمة تصوير الأماكن للعدو، وبمحض الصدفة قام بتصوير مجموعة من قتلى المسلمين والذي قتلهم الجيش الصربي ويقوم بدفنهم في مقابر جماعية، إلا أنه تلقى صاروخ منطلق من الصرب الذين جن جنونهم لاختراق الاتفاقيات وتصوير مناطق غير مسموح الدخول فيها، لذلك يخرج كريس من الطائرة ويهبط بباراشوت، ويبدأ كريس معركته للخروج من المأزق في البوسنة.

رسائل سياسية

اعتدنا على محاولات الولايات المتحدة الأمريكية المستمرة في تصدر واجهة البطل المنقذ وفي تصدر واجهة الوصاية على العالم وتحرير الضعفاء وإنقاذ الشعوب الواقعة تحت الظلم، وهنا لم يختلف المشهد كثيرًا وعلى الرغم من التعارض الواضح مع الوقائع التاريخية، إلا أن هوليوود أبت إلا أن تجعل الولايات المتحدة في قلب المشهد، وما أثبتته الوقائع التاريخية أن الموقف الأمريكي في قضية البوسنة اتسم بالتضارب والغموض منذ بداية الأزمة، واقتصروا فقط على التهديد باستخدام القوة ضد صربيا والجبل الأسود مع التلكؤ والتباطؤ في اتخاذ تدابير عسكرية على أرض الواقع، وعلى عكس ما حدث في حرب الخليج حيث اتسم الموقف الأمريكي بالقوة والوضوح نظرًا لانتفاء وجود مصالح استراتيجية ومنفعة اقتصادية كالبترول

  • كان واضحا في الفيلم رفض قائد القوات تدخل رئيس كريس في أي محاولة لإنقاذ حياة كريس وإخراجه من أراضي البوسنة، وهنا نلمس ضعف الولايات المتحدة والتي تخوفت من التدخل لإنقاذ أحد طياريها، وهذا ناتج عن خوفهم من معاداة الصرب وبالتالي روسيا الاتحادية التي كانت تساند الصرب في موقفهم وقتها
  • كل ما جرى يثبت أن أساس أي عمل أو تدخل تقوم به الولايات المتحدة هو ناتج عن مصالح استراتيجية مباشرة لهم وليس على أساس إنساني كما يدَعون في تدخلاتهم في شؤون الدول الأخرى
  • نتج عن معاهدة دايتون ما يلي:” اتفاقية سلام وقعها قادة صربيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك في عام 1995، وأنهت ثلاث سنواتٍ من الحرب الأهلية في يوغسلافيا السابقة، وقسَّمت البوسنة إلى دولتين هما: فدرالية البوسنة والهرسك وتضم المسلمين وكروات البوسنة، وجمهورية صرب البوسنة
  • ومن نتائج دايتون أنها تناولت الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب فأوكلتها إلى المحكمة الدولية الخاصة بيوغسلافيا ولكنَّ كثيرا من مجرمي الحرب ظلوا طلقاء ولم يتم محاسبتهم على جرائمهم ربما لأن الضحايا مسلمون وكما حدث في حروب الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة المحاصر وعلى المدنيين وبرغم الإثباتات التي شهدها العالم أجمع أمام التلفاز إلا أن محكمة الجرائم الدولية تفشل دائما في العثور على دليل ولم تعاقب أو تحاسب بل اتهمت من دافع عن الشعب المظلوم بالمنظمات الإرهابية
  • بدا في الفيلم تمرد القائد على رئيسه ومخالفته للأوامر في سبيل إنقاذ ضابطه الطيار من الموت، وحاول بشتى الطرق تنفيذ واجبه الإنساني تجاه الطيار رغم معارضة الفكرة من قبل قادته وضحى بمسيرته وعمله، وهنا نلمس جبن النظام العسكري الأمريكي وتخليهم عن ضباطهم من أجل مصالحهم وخوفا من تعارض المصالح المشتركة مع الطرف الآخر
  • خلال أحداث الفيلم والذي حمل رسالة قوية وكان يجب التركيز فيها على قضية البوسنة والهرسك والضحايا المسلمين الذين تخاذل العالم أجمع أمام موتهم ولم يكترث أحد لهم، بل على سبيل المثال اكتفت الولايات المتحدة الأمريكية باستعدادها لإمدادهم بالمساعدات والإغاثات الإنسانية فقط لا غير وامتنعت عن التدخل بشكل عسكري خوفا من خسران حلفائها وبسبب انتفاء وجود ثروات لدى البوسنة واكتفت بالمساعدات والتهديدات العبثية، ولكن الفيلم ركز فقط على قصة الطيار الذي وقع في هذا المكان الخطر وكيف خاطر قائده وتحدى الأوامر وأنقذه من الهلاك، أي تم استعمال قضية مهمة وحساسة كهذه فقط لرواية قصة الطيار