bridge of spies: القانون على الطريقة الأمريكية

bridge of spies: القانون على الطريقة الأمريكية

لا يمكننا أن ننكر أقوى الأسلحة في العالم والتي قد تحقق نصرًا لدولتها وتوفر لهم معلومات سرية عن الدول المعادية لها، وهذا يمَكّن الدولة من بث قرارات صحيحة ويجعلهم متيقظين لعدوهم وعلى دراية بخططهم والفجوات التي يرتكبونها، عالم الجاسوسية هو عالم مليء بالأسرار والخدع والاحتيال والذكاء وحسن التصرف وتوطيد العلاقات مع الجهات العليا، هي حرب عقول عرضتها الأفلام لنا من خلال العالم القائم على المفاجآت غير المتوقعة وعلى قطع الأنفاس الذي لطالما رافق أفلام الجاسوسية لاسيما وأن قصصًا حقيقية ووقائع ارتبطت بأشهر الجواسيس على مستوى العالم، وخاصة في ذروة الصراعات بين الدول الكبرى والأصغر ومنذ اندلاع الحروب المتعاقبة وآخرها الحرب العالمية الثانية وحتى يومنا هذا، ولا يكاد يمرّ زمن طويل حتى تعلن هذه الدولة أو تلك عن طرد صحفيين أو دبلوماسيين تابعين لدولة معينة من أراضيها، والسبب غالبًا هو اكتشاف عمليات تجسس.

قصة الفلم

(جسر الجواسيس) فيلم اقتبست أحداثه من قصة حقيقية، جرت في فترة الحرب الباردة خلال خمسينيات القرن الماضي، حين جنّد كل من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية جواسيس للكشف عن معلومات تتعلق بالأسلحة النووية ضد بعضهما البعض، وما أن تكتشف الولايات المتحدة الأمريكية جاسوسًا روسيا على أراضيها، حتى يبدأ البحث عن محامٍ يتولى مهمة المرافعة عنه أمام المحكمة، وهو ما يُعتبر أمرًا في غاية الصعوبة كونه أشبه بالخيانة، ويتم تعيين محامي أمريكي وهو “توم هانكس” ليقوم بالمرافعة عن الجاسوس، موضحين له أن مهمته هذه وطنية، كونهم يريدون أن يثبتوا للعالم أن القانون والقضاء في أمريكا سلطة عليا، إلا أن المحامي الأمريكي يفاجئهم بحيث أنه لا يقبل بالقضية فقط، بل يذهب إلى حد الدفاع المستميت عن الجاسوس الروسي ما يثير دهشة وغضب القضاء، ورؤسائه في العمل، وحتى عائلته

رسائل سياسية

  • اعتدنا على تعمُّد هوليوود تلميع الجانب الأميركي في أفلامها، أو إظهاره على أنه الأفضل؛ وهي النقطة الواضحة التي يمكن استنتاجها من الفيلم والتي قد تكون المأخذ الأساسي عليه، بحيث ظهرت محاولات “التلميع” بصورةٍ واضحة جدًا، سواء على مستوى الشخصيات أو السيناريو أو حتى الصورة. وهذا التلميع جعلنا نشعر بشيءٍ من التناقض في الكثير من الأحداث والمحاولات التي تصبّ في حيادية الفيلم
  • كما اعتدنا في أفلام الجاسوسية أن الجواسيس غالبًا من أصول عربية كما ذكر المحقق غونتر ذات مرة باختصار شديد “الآن وبعد الحادي عشر من سبتمبر نحن نرى في عين كل رجل ذي بشرة سمراء شخصًا ما يريد قتلنا” هذه هي الخلاصة التي تحرك عملنا في التجسس على هؤلاء. ولكن هنا يتبين لنا أن أمريكا وروسيا عندما كانت الحروب مشتعلة بينهم كان كل منهم يتحضر للآخر ويتعقبه ويتتبعه ويرسل الجواسيس ليرصد معلومات عن العدو
  • كما ظهر في الفيلم كيف فرضت الولايات المتحدة على المحامي أن يترافع عن الجاسوس فقط لكي يثبتوا للعالم أن القضاء الأمريكي سلطة عليا لا أحد يتدخل بها، وليثبتوا ديمقراطية أمريكا المزيفة التي لا أساس لها وكما اتضح في الفيلم كانت فقط شكلية للحفاظ على صورتهم الدولية أمام العالم
  • رأينا كيف اتحد الجميع وغضبوا من المحامي عندما بدأ بالدفاع المستميت عن الجاسوس الروسي، رأينا كيف ظهرت نيتهم الكاذبة مع أنهم فرضوا عليه المهمة بشكل إجباري وأخبروه بأنها مهمة وطنية
  • وبينما كان المحامي يشرح وجهة نظره حول أهمية احترام القانون فعلًا، والاحتفاظ بالجاسوس كون أمريكا قد تحتاجه في عملية مبادلة إذا ما تمكن الاتحاد السوفييتي من أسر أحد جواسيسهم، عندها سقطت طائرة تجسس أمريكية بالفعل فوق الأراضي السوفييتية ووقع أحد الجواسيس في قبضة السوفييت، بحيث أسر الروس مجندًا أمريكيًا كان في مهمة تجسس هي الأولى من نوعها، وبذلك تم انتداب المحامي بشكل سري وغير رسمي ليقود مفاوضات التبادل بين الطرفين
  • وعلى حسب المصادر التاريخية فإن رواية الفيلم فيها الكثير من التلاعب بما حدث فعلا في الواقع، فالرواية الحقيقة لـِ Bridge Of Spies تكشف أن مساعد إيبل، رينو هايهانين، هو الذي نبَّه السلطات الأميركية إلى عملية التجسُّس التي يمارسها إيبل، فبعد العمل كجاسوسٍ في أميركا لمدّة 10 سنوات تقريبًا، أصبح إيبل غير راضٍ بالعمل مع مساعده، بسبب إدمانه على الكحول وخلافه المستمرّ مع زوجته واللجوء إلى فتيات الليل، وقام إيبل بإبلاغ موسكو بذلك، فطلبت من هايهانين العودة إلى الاتحاد السوفياتي، ولذلك لجأ هايهين إلى القنصلية الأمريكية وكشف عن هويته بنفسه خوفًا من العودة إلى موسكو وبلغ عن رودلف إيبل ومهامه السرية
  • رأينا كيف يتم اختراق القوانين في أمريكا وكيف لا يتم تطبيق القانون بشكل نزيه عندما تداهم السلطات الأمريكية بيت رودولف دون إذن تفتيش، بدعوى تورطه بعمليات تجسس.