sergio: الأمم المتحدة في رجل

sergio: الأمم المتحدة في رجل

بعد أعوام طويلة من الحروب المتتالية التي راح ضحيتها آلاف البشر، أُنشئت الأمم المتحدة لتمنع الحروب بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، هدفها كان حفظ الأمن والسلم الدوليين وحماية حقوق الإنسان وتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين والذين يعانون من كوارث وأوبئة ومجاعات، ودعم القانون الدولي، ولكن وبعد ما يقارب 80 عاما على تأسيسها نستطيع أن نرى آثارها ونتائجها وكم التجاهل الكبير للقضايا الإنسانية والشعوب المستضعفة.

قصة الفلم

يحكي الفيلم فترة مهمة من حياة سيرجيو فييرا دي ميللو الذي شغل منصب المفوض السامي لحقوق الإنسان وعمل في الأمم المتحدة لمدة 34 عامًا، سيرجيو هو دبلوماسي برازيلي الأصل عمل في السلك الدبلوماسي في ربيع شبابه، عاش حياته كلها مسافرًا من بلد إلى بلد، كان جل اهتمامه هو الإنسان وحماية حقوقه، كان يكره الاستعمار ويقدم حقوق الإنسان على السياسة وأهدافها الملتوية، عاش حياته من أجل حلم إحلال السلام إلى أن فُرضت عليه مهمة الذهاب للعراق في عام 2003 ليكمل فيها سلسلة انتصارات في مجال عمله ويحقق السلام هناك، إلا أنه لاق حتفه في تفجير مدوي وعجز عن تحقيق حلمه في العودة إلى مسقط رأسه ريودي جانيرو.

رسائل سياسية

  • يعتبر فيلم سيرجيو فيلم سيرة ذاتية ولكن تركزت أحداث الفيلم بالمجمل على قصة حب سيرجيو وكارولينا وتخلل هذه القصة مقتطفات من حياة سيرجيو في الأمم المتحدة وعمله في تيمور الشرقية ورحلته للعراق
  • الفيلم أظهر جانب مثالي خالي من الخطأ لشخصية سيرجيو مع أنه كان الأب الذي لا يعرف الكثير عن أولاده ولا تربطهم فيه علاقة قوية، وهنا نشير إلى محاولة تلميع مبالغ فيها لشخصية سيرجيو
  • ذهب سيرجيو للعراق ليتولى زمام الأمور لمدة 4 أشهر، وبمجرد وصوله لبغداد رأى انتهاكات الجيش الأمريكي والعنف الذي حل بالمواطنين العراقيين وكان مستاءً للغاية من سياسة الاحتلال في العراق وأعرب عن انزعاجه، ولكن خلال الفيلم كانت الصورة ضعيفة جدًا ولم يتم تسليط الضوء كما يجب على العنف الأمريكي ضد العراقيين في تلك الفترة واكتفى بمشهد بسيط غير معبر، في حين أن الوضع كان مريرًا بالنسبة للعراقيين
  • كان واضحًا في الفيلم اختلاف الرأي الكبير بين رئيس الاحتلال الأمريكي بول بريمر ومفوض الأمم المتحدة سيرجيو حول خطة السلام والانتخابات والإجراءات التي ستتم في العراق لتخفيف غضب المواطن العراقي، في حين أن بول بريمر يريد إعادة فتح سجن أبو غريب الذي كانت تمارس فيه أبشع أنواع الجرائم والتعذيب للمساجين بحيث أن السجين كان يرى ما سيحصل له من خلال الجداريات التي كان يرسمها السجانين على الجدران والتي تظهر عليها رسومات تعذيب وحشية، وفكرة إعادة فتح هذا السجن تشير إلى عدم وجود فرق بين نظام صدام والنظام الأمريكي الذي يعتمد فقط على تسويق صورة الإنسانية ولكنه يحمل في مكنونه نفس أفكار الأنظمة الاستبدادية
  • الأمم المتحدة أداة ضرورية للحفاظ على السلم في العالم لكن جشع الكبار وأنانية القوى المهيمنة وتقديمها لمصالحها على كل الاعتبارات الأخرى حولها إلى منظمة المعايير المزدوجة بامتياز وإلى مؤسسة يطغى عليها النفاق المثير للقرف، تكفي مراجعة قرارات مجلس الأمن بخصوص القضية الفلسطينية وعجزها عن إيقاف شلال الدماء النازفة والدمار المستمر في سوريا واليمن وليبيا وكشمير للتدليل على عجزها وانتهاء صلاحيتها
  • في مشهد مهم عبر سيرجيو عندما سأله صحفي عن محاولة الأمم المتحدة أن تكون غطاءً وستارًا للأعمال الوحشية التي يمارسها الاحتلال الأمريكي ليرد سيرجي بعصبية وبشكل غير اعتيادي بأن الأمم المتحدة لم تأتِ لدعم الاحتلال ولن تكون غطاء لأي أحد أو أداة بيد أحد، ويقول بصريح العبارة بأننا منظمة مستقلة ويحدث أن هذا التصريح يُغضب بريمر ويدفعه للاتصال بسيرجيو للتعبير عن انزعاجه، ليلقي سيرجيو قنبلة في حضن بريمر بإبلاغه أن البعثة ستقدم تقريرًا تفصيليًا لمجلس الأمن حول الانتهاكات الأميركية في العراق فيتهمه بريمر بأن مهاجمة الولايات المتحدة ليست أفضل طريقة لتصبح الأمين العام المقبل للأمم المتحدة، قالها بريمر قبل أن يغلق سيرجيو سماعة الهاتف وتنفجر القنبلة في المشهد الذي يليه
  • لا يمكن لمن يشاهد الفيلم إلا يلاحظ عندما يقع سيرجيو تحت الأنقاض المدة الطويلة التي يقضيها وضعف معدات الحفر والإنقاذ التي يُفترض أن تمتلكها دولة عظمى مثل أمريكا وخاصة عندما جاء بول بريمر إلى موقع الانفجار وسأل بكامل بروده إن كان سيرجيو على قيد الحياة أم لا، وهنا تثار شكوكنا حول الأمر بشكل كبير
  • أشار الفيلم في النهاية إلى أن تنظيم أبو مصعب الزرقاوي تبنى عملية التفجير ولكن هناك الكثير من الشكوك حول الأمر فالرئيس بوش قالها كلمة صدق صريحة، الذين هاجموا مقر الأمم المتحدة أعداء للشعب العراقي ولمصلحة الشعب العراقي ، وهذا حقيقة، فمن ضرب المقر ضرب الكثير معه، رغم أن الأمم المتحدة تساهلت وأغمضت عيناها عما يفعل الاحتلال منذ أول لحظة، المهم قبل أن نقول من المستفيد نرى مواقف ممثل كوفي عنان في العراق وأقواله ومصادماته مع الاحتلال، كلها تبدي دورًا أكبر للأمم المتحدة وتحاول أن ترفع من مستوى الأمم المتحدة من دور استشاري لا يقدم ولا يؤخر إلى دور أساسي ومنه دور رقيب على أعمال الاحتلال وقيل أنه قبل وفاته بليلة واحدة كان قد تحدث لصحيفة برازيلية عن معاناته مع الأمريكيين في العراق، من قتل سيرجيو قتل معه الكثيرين وزاد من روع أهالي العراق، وإن لم يكن هو ذاته فهو من سهّل وأغض الطرف وهو المسؤول أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن الأمن في العراق وحفظ أمن كل المدنيين وكل البعثات الدبلوماسية وعلى رأسها بعثة الأمم المتحدة، هذا ما تقوله المعاهدات الدولية جميعها، فكيف تمر سيارة شاحنة ومفخخة عبر الطرق ومسافات ولا أحد يدري بها، أليسوا يفتشون حتى غرف النوم وحتى عربات الحمير، ألم يكونوا يعرفون حتى رقم فانيلة صدام الداخلية! أين الأقمار الصناعية التي جعلت أمريكا تقرأ كل ما يحدث في العالم عبر أجهزة الحواسيب، بالمجمل مقتل سيرجيو تحيط به شكوك كثيرة وتصب في مصلحة أطراف معينة، والبعض يدَعي بأنه لوعدنا للوراء للستينات وتذكرنا ذاك الرجل السويدي أمين عام الأمم المتحدة داغ همرشولد الذي أسقطت طائرته فوق الكونغو فمن أسقط تلك الطائرة هو من قتل سيرجيو أو سهّل مهمة قتله.